عندما يغضب أحدهم غضباً شديداً لا ينبغي أن تقوم بنصحه أو تعنيفه , أو القيام بتجاهله , أو إسكاته , فإن حاله حال السكران الذي لا يعلم ما يجري ولا يدري ماذا يقول والشيطان قد غلبه وطبعه قد هاج وعقله قد استتر .
بل يجب الصبر لفورته والإصغاء لمشكلاته والتفاعل معه فيما جرى له , حتى يزول ما به عندها يكون النصح والتوجيه , فالنفس البشرية ضعيفة تحتاج إلى تفريغ شحنة الغضب الموجودة بها عندما تستثار إلا من رزقه الله قوة في التحكم بنفسه وعقله.
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تعدون الرقوب فيكم؟" قال قلنا: الذي لا يولد له. قال "ليس ذاك بالرقوب. ولكنه الرجل الذي لم يقدم من ولده شيئا" قال "فما تعدون الصرعة فيكم؟" قال: قلنا: الذي لا يصرعه الرجال. قال "ليس بذلك. ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب".
فبعد أن يهدأ من ثورته ويسكن غضبه , يكون هنا نصحه وإرشاده إلى الصبر وكظم الغيظ , وضبط النفس والأجر العظيم المترتب على ذلك.
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وسَلَّم: ( من كظَمَ غيظاً وهو يستطيعُ أن يُنفِّذهُ دعاهُ اللهُ يومَ القيامةِ على رُؤوسِ الخلائِقِ حتَّى يخيرهُ في أيِّ الحُورِ شاءَ ) رواه الترمذي وأحمد.
ومن ثم إيضاح الصورة السيئة والقبيحة لمن لا يملك نفسه وزمام غضبه , وأنه جعل لشيطان عليه سبيلاً وتمكيناً , والندم المترتب عليه بعد زوال هذا الخلق السيئ , من الأقوال والأفعال التي صدرت منه فمن أطاع غضبه قل أدبه , بل وأضاع دينه ونفسه.
عن علقمة بن وائل أن أباه رضي الله عنه حدّثه قال : إني لقاعد مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل يقود آخر بنسعة ( حبل مضفور ) فقال : يا رسول الله هذا قتل أخي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أقتلته ؟ قال : نعم قتلته . قال : كيف قتلته ؟ قال : كنت أنا وهو نختبط ( نضرب الشجر ليسقط ورقه من أجل العلف ) من شجرة ، فسبني فأغضبني فضربته بالفأس على قرنه ( جانب الرأس ) فقتلته لذا فعليه السعي لنزع هذا الخلق القبيح وعلاج هذا المرض الشنيع , فعليه بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم من نفخه وهمزه ونفثه , عن سليمان بن صرد رضي الله عنه قال: استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم. فجعل أحدهما يغضب ويحمر وجهه. فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" فقام إلى الرجل رجل ممن سمع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتدرون ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم آنفا؟ قال "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم".
والوضوء لإطفاء جمرة الغضب ( فإِذا غضب أحدكم فليتوضَّأ ) أبو داود , وتغيير الموضع فإن كان قائماً جلس وإن كان جالساً اضطجع وهكذا .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ألا وإنَّ الغضبَ جمرةٌ في قلبِ ابنِ آدمَ. أما رأيتُمْ إلى حُمرةِ عينيهِ وانتفاخِ أوداجِهِ فمنْ أحسَّ بشيءٍ من ذلكَ فليَلصقْ بالأرضِ من وجد شيئا فليلصق خده ) رواه الترمذي وأحمد .
------------------------
0 التعليقات:
إرسال تعليق