وذو العقل يأتي جميل الأمـــور ويقصد للأرشـد الأرفــــق
الوعي بالمستقبل , واستشراف أفاقه , وفهم تحدياته , والاستعداد لتوقعاته , يعد من مكونات النجاح ومقوماته , بالرغم من أهمية الوعي بالحاضر أيضاً , إلاّ أنه لا يكفي وحده لصياغة وصناعة النجاح المثمر بإذن الله تعالى.
ألـم تر أن العقلَ زيــنٌ لأهــله
وأنّ كمال العقل طول التجـارب
وقد وعظ الماضي من الدهر ذا النهى
ويزداد في أيامه بالتجــــارب
فالنجاح الدائم والاستمرارية عليه , يرتكز على التعامل مع الحاضر وفهمه , والإعداد للمستقبل وفهم العصر الذي نعيشه ومتطلباته , والاستفادة من تجارب القدماء وخبرات الماضين , حتى لا تحدث المفاجأة عن أحداث غير متوقعة , أو الغفلة عن أوضاع محتملة , أو الفشل من أمور محتملة , فالدنيا تتحول وتتبدل كل يوم من حال إلى حال ومن شأن إلى شأن.
تاه الأُعَيرِجُ واستغلى به الخطــرُ
فقل له خير ما استعملتَهُ الحــذرُ
أحسنت ظنَّك بالأيَّام إذ حَسُـنت
ولم تخف سوء ما يأتي به القــدرُ
وسالمتك الّليالي فاغتررت بهـــا
وعندَ صفو الّليالي يحدثُ الكـدرُ
فمن يعرف العصر , ويدرك الزمن , ويفهم أبعاده وتحدياته , لا يفاجأ بأحداث المستقبل وعواقب الأمور , وهذا فيه نوع من الارتياح والاطمئنان والهدوء , والاستعداد والأخذ بالأسباب , قال تعالى: ( وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) التوبة-105
واعلم أن الوعي والاستعداد للمستقبل والتنبه له , يساعد على اكتشاف مواردنا , وطاقاتنا , وإمكاناتنا , وتسخيرها فيما يأتي بالنفع والفائدة , وتسهيل ذلك لأكثر من فترة , وترشيد عمليات التخطيط والتنظيم , واتخاذ القرارات الصائبة , وبلورة الاختيارات الممكنة والمتاحة , والاحتمالات الواردة , والمفاضلة بينها , وتعدليها , والتطوير منها , وأيضاً اكتشاف المشكلات قبل وقوعها , وتخفيف الضغوط المحتمل حدوثها نتيجة الفشل أو الاحتمال المتوقع , وإذا سعى الإنسان إلى الخير جهده فليس عليه أن تتم مقاصده.
دع الأيام تفعل ما تشــاء وطب نفساً بما حكـم القضاء
و لا تجزع لنائبة الليــالي فما لحوادث الدنيا بقـــاء
0 التعليقات:
إرسال تعليق