هي عبارة عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم , وحُسن التعامل حسب المواقف المتغيرة , وحُسن تصريف الأمور واستنباطها , وهي لا تعني المعارف بحد ذاتها , وإنما الانتفاع بها , والاهتداء إليها , للسير في الحياة على منوال رائع.
يقول فخر الدين الرازي رحمه الله: الحكمة لا تخرج عن معنيين هما:
العلم وفعل الصواب , وأنها تنقسم إلى حكمة نظرية وعملية , ولا بد من تكاملها في الإنسان الفاضل , والسلوك الكامل , قال تعالى: ( رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ) الشعراء-83
وقد جاء لفظ الحكمة في القرآن الكريم , بعدة معاني منها:
- بمعنى الإتقان , قال تعالى: ( الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ) هود-1
- بمعنى الحلول الفاصلة الملائمة , قال تعالى: ( لَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ) الزخرف63-64
- بمعنى حُسن التقدير والإرادة والتصرف , قال تعالى: ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) النحل-125
- بمعنى العبرة , قال تعالى:ِ ( حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ الأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ ) القمر4-5
- بمعنى الفهم والمعرفة , قال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنْ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ
يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ) لقمان-12
- بمعنى القدرة على التمييز بين الأمور النافعة والضارة , قال تعالى: ( الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمْ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ) البقرة 268-269
- وفي السنة بمعنى الرأي وحُسن التبصر في الأمور , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( رجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها ).
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة , وقدوة عليا , حيث جمع بين جميع معاني الحكمة , كان علية الصلاة والسلام , يعالج الأفراد والجماعات , والمواقف المختلفة بالحكمة المثلى .
وكان صلى الله عليه وسلم يتعرف على قدرات أصحابه , واستعداداتهم , فيوجه كل مجموعة لتخصصها , فمنهم في علوم القرآن والحديث الشريف , وأخرى في الولاية والجباية , وثالثة للفنون الحربية .. وهكذا.
وكان علية الصلاة والسلام يرى أن الحكمة ضالة المؤمن وحيث وجدها فهو أحق بها , فالعاقل المتنبه , يحرص على أن يمارس حياته بشكل يحقق له العزة
والسلام , والأمن والحبور , والراحة والسرور.
قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وسَلَّم: ( لا حَليمَ إلاَّ ذو عَثرةٍ ولا حَكيمَ إلاَّ ذو تجربةٍ ) رواه الترمذي.
لئن كنت محتاجاً إلى الحلم إنــني إلى الجهل في بعض الأحايين أحوج
0 التعليقات:
إرسال تعليق