قال تعالى: ( وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ ) البقرة-248
وقال تعالى: ( ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ ) التوبة-26
وقال تعالى: ( الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا ) التوبة-40
وقال تعالى: ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً ) الفتح-4
وقال تعالى: ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً ) الفتح-18
وقال تعالى: ( إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمْ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ) الفتح-26
يقول ابن القيّم رحمه الله:
وقد ذكر الله سبحانه السكينة في ستة مواضع ( الآيات السابقة ) , وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا اشتدت عليه الأمور قرأ آيات السكينة.
وسمعته يقول في واقعة عظيمة جرت له في مرضه , تعجز العقول عن حملها ظهرت في حال ضعف القوة , قال: فلما اشتدَّ عليَّ الأمر , قلت لأقاربي ومن حولي: اقرؤوا آيات السكينة, قال: فأقلع عني ذلك الحال , وجلست وما بي قَلَبة.
وقد جربت أنا أيضاً قراءة هذه الآيات عند اضطراب القلب بما يرد عليه , فرأيت لها تأثيراً عظيماً في سكونه وطمأنينته.
وأصل السكينة: هي الطمأنينة والوقار , والسكون الذي ينزله الله في قلب عبده , عند اضطرابه من شدة المخاوف , فلا ينزعج بعد ذلك لما يرد عليه , ويوجب له زيادة الإيمان , وقوة اليقين والثبات.
ولهذا أخبر سبحانه عن إنزالها على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين في مواضع القلق والاضطراب , قال ابن عباس رضي الله عنهما: كل سكينة في القرآن فهي طمأنينة , إلاً التي في سورة البقرة.
وفي الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال:" رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ينقل من تراب الخندق , حتى وارى التراب جلدة بطنه , وهو يرتجز بكلمة عبدالله بن رواحة رضي الله عنه "
اللهمَّ لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينـــا
فأنزلن سكينة عليـــنا و ثبِّت الأقدام إن لا قينــا
إن الألى قد بغوا علينــا وإن أرادوا فتنة أبيــــنا
يقول ابن عثيمين رحمه الله: والسكينة هي عدم الحركة الكثيرة , وعدم الطيش , بل يكون ساكناً في قلبه وفي جوارحه وفي مقاله.
والوقار هو: هيئة يتصف بها العبد يكون وقوراً , بحيث إذا رآه من رآه يحترمه ويعظمه.
ولا شك أن هذين الوصفين الوقار والسكينة من خير الخصال التي يمن الله بها على العبد , لأن ضد ذلك أن يكون الإنسان لا شخصية له , ولا هيبة له , وليس وقوراً ذا هيبة , بل هو مهين وقد وضع نفسه ونزلها.
وكذلك السكينة ضدها أن يكون الإنسان كثير الحركات , كثير التلفت , لا يرى عليه أثر سكينة في قلبه ولا قوله ولا فعله , فإذا من الله على العبد بذلك , فإنه ينال بذلك خلقين كريمين.
0 التعليقات:
إرسال تعليق